لنتوقف في هذه العجالة عند كلمات من ذهب أوصى بها نبي الله معاذ بن جبل عند ابتعاثه إلى أهل اليمن ليعلمهم أمور دينهم ، وليرشدهم إلى الحق والصواب .
( يا معاذ إني أعلمك كلمات ، احفظ الله يحفظك ، احفظ الله تجده تجاهك ، فإذا سألت فأسأل الله ، وإذا استعنت فاستعن بالله ، واعلم أن الأمة لو اجتمعوا على أن ينفعوك بشيء لن ينفعوك إلا بشيء قد كتبه الله لك ، ولو اجتمعوا على أن يضروك بشيء لن يضروك إلا بشيء قد كتبه الله عليك ، رفعت الأقلام ، وجفت الصحف )
- ( احفظ الله يحفظك ): فإن من يتق الله ويراعي حدوده ، يأتمر بأمره وينتهي بنهيه ، ويجعل الله أمامه في كل أمر من أموره ، في كل حركاته وسكناته ، في كل كلمة من كلماته ، فإن الله تعالى لا ريب معه ، يحفظه من كل شر ، وينجيه من كل سوء، يعصمه من الفتن ، ويدفعه نحو الخير والفضل .
وفي ذلك يقول المولى عزوجل ( ومن يتق الله يجعل له من أمره يسرا )
ويقول ( ومن يتق الله يجعل له مخرجا ويرزقه من حيث لا يحتسب)
ويقول ( ومن يتق الله يجعل له فرقانا ).
- ( احفظ الله تجده تجاهك ) : فمن يحفظ الله يكن الله بمعيته ، سندا وعونا ، ينصره إذا ما ظلم ، ويدفع عنه الشر والمحن ،يثبته عند المصائب ، ويذلل له الصعاب ، ويحرسه من شياطين الإنس والجن ، ويدفع عنه السوء والأذى .
- ( فإذا سألت فأسأل الله ): لا تدعو إلا الله ، فإنه من يملك الإجابة فحسب ، لا تطلب إلا الله ، فإنه المعطي وحسب ، اسأله كل شيء ، وأسأله أي شيء ، لا تستحي أن تسأله ما كبر أو صغر ،ولا تمل سؤاله آناء الليل وأطراف النهار فإن من أدمن قرع الباب أوشك أن يلج ، واحذر أن تسيء الأدب معه فتدعوه في الضراء ، وتنساه في السراء ( فمن سره أن يستجيب الله له عند الشدائد والكرب فليكثر من الدعاء في الرخاء ) اسأله بإلحاح ، وأيقن بإجابته فإنه لا يرد عبده صفرا .
يقول الله تعالى ( ادعوني أستجب لكم إن الذين يستكبرون عن عبادتي سيدخلون جهنم داخرين ) ويقول تعالى ( وإذا سألك عبادي عني فإني قريب أجيب دعوة الداع إذا دعان فليستجيبوا لي وليؤمنوا بي لعلهم يرشدون )، ويقول تعالى ( ادعو ربكم تضرعا وخفية إنه لا يحب المعتدين ) ويقول تعالى ( أمن يجيب المضطر إذا دعاه ويكشف السوء ويجعلكم خلفاء الأرض).
- ( وإذا استعنت فاستعن بالله ) : لا تطلب العون إلا من الله ، فلا مغيث ولا معين سواه ، وردد ( إياك نعبد وإياك نستعين ) مخلصين لك الدين ، لا تطلب بشرا ولا تتذلل لمخلوق ، فالله أجدر بإعانتك .لا تطلب العون ممن يدعون أنهم بالغيب عالمون ، فيوقعون الناس في حبائل الشرك والشك ، ويأكلون أموال الناس بالباطل ، ويدعون الناس فريسة الأوهام والآمال الكاذبة ...بل أكثر من التوبة والاستغفار ، بالليل والنهار ، فبها تتحقق المطالب وتجاب الدعوات وتقضى الحاجات يقول الله تعالى ( فقلت استغفروا ربكم إنه كان غفارا يرسل السماء عليكم مدرارا ويمددكم بأموال وبنين ويجعل لكم جنات ويجعل لكم أنهارا ) ويقول عليه الصلاة والسلام ( من لزم الإستغفار جعل الله له من كل هم فرجا ، ومن كل ضيق مخرجا ).
لا تعتمد على الناس في نوال حاجاتك فتقول فلان له منصب وهو قرابتي ، وفلان لديه جاه ونفوذ وهو جاري ، فوالله لا يملكون لك ضرا ولا نفعا إلا ما شاء الله .
( وأعلم أن الأمة .......): اجتمع الناس وتآمروا عليك ، أرادوا أهلاكك أو إفلاسك أو حتى تشويه سمعتك ، والتعرض لك بما يمس الشرف والعرض ، اجتمعوا ...خططوا ...حاولوا التنفيذ ...لن يستطيعوا أن يضروك إلا بشيء قد كتبه الله عليك ، فإن أصابك فإنه قدر الله عليك فاصبر إن الله مع الصابرين .
اجتمع الناس مرة أخرى ...الكل معك ...يشجع ماديا ومعنويا ...هذا بماله ...وهذا بمنصبه ...وذاك بنفوذه ...وآخر بوظيفته فإنهم لن ينفعوك إلا بشيء قد كتبه الله لك ، فإن أصابك فإنما هو فضل من الله فاشكر فسيجزي الله الشاكرين .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق