( يا أيها الذين ءامنوا لا يسخر قوم من قوم عسى أن يكونوا خيرا منهم ولا نساء من نساء عسى أن يكن خيرا منهن).
السخرية هي نظرة المسلم لأخيه نظرة احتقار وتقليل شأن ، لتقليل منزلته وإظهار التفوق عليه ، فبدل أن يشكر الله على نعمته ويحافظ عليها يبدأ في السخرية والإستهزاء بالآخرين ومحاولة إظهارهم بأنهم أقل منه منزلة وقدرا .
ولا ريب أن السخرية لا تصدر إلا من قلب ملأه الكبر والغرور ، ونفس مريضة بداء العجب والحسد ، ولسان تطلق العنان لنفسها دون مراعاة لحدود الله ، أو مراعاة قلوب الآخرين ومشاعرهم .
فالبعض يسخر مما ابتلى الله تعالى به الناس ، فتراه يقذف بكلماته السامة في المجالس ( فلان الأعمى ) و(فلان الأعرج ) ، فالله تعالى هو من يبتلي الإنسان بهذه العوائق وهو قادر أيضا أن يبتلي بها المستهزءين ، فلم السخرية من شي لا يستطيع الإنسان تغييره أو تبديله إلا بإرادة الله .
والبعض يسخر من القدرات العقلية التي وهبها الله للناس وجعلهم يتفاوتون فيها بشكل كبير فهناك الذكي وهناك الأقل ذكاءا ، وهناك البارع في الكتابة وهناك من لا يستطيعها أبدا ،وهكذا تختلف طاقات الناس وقدراتهم ، والسخرية من الناس في مثل هذه الأمور هي بمثابة اعتراض على إرادة الله الذي جعل هذا التفاوت ليتعاون الناس ، وليساعد بعضهم بعضا ، وليكمل كل مسلم الآخر بمواهبه وقدراته حتى يكون المجتمع متماسك قوي الأركان .
ولعل أكثر أنواع السخرية شيوعا بين الناس هو السخرية من قلة المال ( ففلان بيته صغير ) ( وفلان سيارته قديمة ) ( وفلان لم يجرب السفر بحياته ) وغيره مما فيه تقليل من شأن الناس ، والحقيقة الثابتة التي يجب أن يدركها كل الناس أن الرزق بيد الله يعطي من يشاء ويمنع من يشاء وله الحكمة البالغة في ذلك ، ولربما انقلبت أحوال الغني فأفلس ،وأعان الله الفقير فاغتنى ، ولنا في قصة أصحاب الجنتين التي حكاها الله تعالى لنا في سورة الكهف خير مثال وشاهد على ذلك .والغريب أن بعض الناس يسعى للسخرية من الآخرين من أجل إضحاك الناس وتسليتهم دون أن يبالي بآلام الآخرين ومشاعرهم وأحاسيسهم والإحراج الذي تسببه لهم كلماته الجارحة ..وكل ذلك له الأثر البالغ في إضرام نار العداوة والبغضاء بين أبناء المجتمع مما يؤثر بدوره على بناء المجتمع وتماسكه .
فهل بعد ذلك نسخر من الآخرين ؟؟؟
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق